الفصام
الفُصام أو السكيزوفرينيا بالإنجليزية : ( Schizophrenia) هو اضطراب نفسي يتسم بسلوك إجتماعي غير طبيعي والفشل في تميز الواقع. تشمل الأعراض الشائعة الوهام واضطراب الفكر والهلوسة السمعية بالإضافة إلى إنخفاض المشاركة الاجتماعية والتعبير العاطفي وإنعدام الإرادة. يعتمد التشخيص على ملاحظة سلوك المريض وتجارب التي أفاد بها
تُشكل الجينات الوراثيات والبيئة المبكرة بالإضافة إلى التجارب النفسية والإجتماعية عوامل مؤثرة مُهمة. يبدو أن بعض العقاقير المنشطة والموصوفة طبياً قد تسبب ظهور الأعراض أو زيادة حدتها. أثار تعدد مجموعات الأعراض الظاهرة الجدل حول اذا ما كان يجب إعتبار التشخيص كممثل إضطراب واحد أو عدة متلازمات منفصلة. بالرغم من أن إصل المصطلح الإغريقي هو skhizein بمعنى “يقسم” وphrēn بمعنى “عقل”، إلا أن السكيتسوفرينيا لا تدل على “انقسام الشخصية” أو اضطراب انفصال الهوية — وهي حالة نفسية غالبا ما تَختلط على معظم عامة الناس. بل يشير المصطلح في الواقع إلى “إنقسام في الوظائف العقلية”
يتمثل العلاج الرئيسي في مضاد الذهان وهو دواء يعمل بشكل أساسي على تثبيط نشاط مستقبل الدوبامين (وأحياناً السيروتونين). كما يُعتبر العلاج النفسي وإعادة التأهيل المهني والاجتماعي من طرق العلاج الهامة. وقد يلزم الإيداع الإجباري بالمستشفى في بعض الحالات الأكثر خطورة — التي تشكل خطرا على سلامة المريض أو الآخرين — وإن كانت مدة الإقامة بالمستشفى أقصر وأقل تكراراً عما كانت عليه
عادةً ما تبدأ الأعراض بالظهور في مرحلة الشباب، ويصاب حوالي 0.3-0.7% من الناس بالفصام خلال فترة ما خلال حياتهم في عام 2013، قُدر بأن هناك حوالي 23.6 مليون حالة حول العالم. يؤثر الاضطراب بشكل أساسي على التفكير، إلا أنه يساهم أيضاً في حدوث مشاكل سلوكية وانفعالية مزمنة. ومن المحتمل إصابة الأشخاص الذين يعانون من الفُصام بحالات مرضية مصاحبة مثل الاضطراب الاكتئابي واضطراب القلق؛ أما إساءة استعمال المواد المخدرة الدائم يحدث في 50% من الحالات. ومن الشائع أن يعاني المريض من مشاكل اجتماعية مثل البطالة لفترة طويلة والفقر وانعدام المأوى. متوسط العمر المتوقع للأشخاص الذين يعانون من الاضطراب أقل بحوالي 10 إلى 25 سنة من المتوسط المتوقع للأفراد الطبيعيين، وهو ما ينتج عن تزايد المشاكل الصحية الجسمانية وارتفاع معدل الانتحار (حوالي 5% في 2013، قُدر بأن هناك 16,000 حالة وفاة ناتجة عن سلوكيات ذات علاقة أو ناجمة عن الفصام.
الأعراض الإيجابية والسلبية
غالباً ما يتم وصف الفُصام من ناحية الأعراض الإيجابية والسلبية (أو القصور). الأعراض الإيجابية هي تلك الأعراض التي لا يمر بها عادةً معظم الأشخاص ولكنها تحدث مع المصابين بالفُصام. ويمكن أن تتضمن تشوش الأفكار وكلام مضطرب وهلوسات لمسية وسمعية وبصرية وشمية وذوقية، والتي تعتبر عادةً من مظاهر الذُهان. كما ترتبط الهلوسات عادةً بمضمون موضوع الوُهام. هذا وتستجيب الأعراض الإيجابية للأدوية على نحو جيد بشكل عام.
تتمثل الأعراض السلبية في قصور في الاستجابات الانفعالية الطبيعية أو في عمليات التفكير الأخرى، كما أن استجابتها للأدوية أضعف وتتضمن عادةً ردود فعل وانفعالات فاترة أو ردود فعل لامبالية وضعف الكلام (حبسة) وعدم القدرة على الاستمتاع (انعدام التلذذ) وعدم الرغبة في تكوين علاقات (البعد عن المخالطة الاجتماعية) و الافتقار إلى الحافز (انعدام الإرادة). تشير الأبحاث إلى أن الأعراض السلبية تساهم أكثر من تلك الإيجابية في انخفاض جودة الحياة والعجز الوظيفي وإلقاء الأعباء على الآخرين غالباً ما يكون للأشخاص الذين يعانون من أعراض سلبية واضحة، سوابق من ضعف القدرة على التكيف قبل بدء ظهور المرض، كما أن الاستجابة للأدوية غالباً ما تكون محدودة
بداية الأعراض
تتمثل فترات الذروة لظهور مرض الفُصام عند المراهقة المتأخرة والبلوغ المبكر، وهي سنوات حرجة بالنسبة للتنمية الاجتماعية والمهنية للشباب. تظهر الحالة قبل سن التاسعة عشر عند نسبة 40% من الرجال و23% من النساء الذين تم تشخيص حالتهم بالفُصام. أُجريت الكثير من الأبحاث مؤخراً للحد من الاضطراب النمائي المرتبط بالإصابة بالفُصام، وذلك من خلال تحديد وعلاج المرحلة البادرية (قبل ظهور المرض) والتي اكتشف أنها تصل إلى 30 شهراً قبل ظهور الأعراض. الأشخاص الذين تستمر حالة الفُصام عندهم في التطور ربما يعانون من أعراض ذهانية عابرة أو ذاتية الشفاء ومن أعراض غير محددة من الانسحاب الاجتماعي والتهيجية والانزعاج والخلل الحركي أثناء المرحلة البادرية.
تعاطي المخدرات
حوالي نصف المصابين بالفُصام يتعاطون المخدرات أو يستهلكون الكحول بشكل مُفرط. يمكن للكوكايين والأمفيتامينات والكحول، إلى حدٍ أقل، أن تسبب ذهان كحولي وذهان اهتياجي عابرين شبيهين بالفصام إلى حد كبير. على الرغم من عدم الاعتقاد عمومًا بأنه مسبب للمرض، إلا أن المصابين بالفصام يستهلكون النيكوتين بنسب أعلى بكثير من عامة الناس.
يمكن أن تسبب معاقرة الكحول اضطراب ذهاني مزمن. ولكن استهلاك الكحول غير مرتبط ببداية أبكر للذهان.
يمكن أن يكون القنب الهندي عامل مساهم في الفصام، حيث يُرجح بأنه يسبب ظهور المرض لدى أولئك الذين هم فعلا عرضة للإصابة. هذا الخطر الزائد ربما يحتاج إلى وجود جينات معينة لدى الفرد أو ذات الصلة بأمراض نفسية موجودة مسبقًا. والتعرض أو التعاطي المُبكر يرتبط بقوة بزيادة نسبة خطر الإصابة. حجم نسبة الخطر الزائدة غير واضحة ولكن يبدو بأنه أعلى بحوالي ضعفين أو ثلاثة أضعاف في تسبيب الذهان. الجرعات الأعلى والاستخدام المتكرر يشيران إلى خطر متزايد للإصابة بالذهان المزمن.
يمكن تناول العقاقير الأخرى من قبل المصابين بالفصام كوسيلة لمواجهة الاكتئاب والقلق والملل والشعور بالوحدة.